لم أقرأ الأنجيل منذ زمان طويل

  

في الستينات، في بدء إنشاء كنيسة الشهيد مارجرجس بإسبورتنج وقبل البدء في بنائها كنت افتقد شابًا قد انحرف.
قرعت الباب وإذا بسيدة تفتح الباب:
- من تطلب؟
- (فلان)
- إنه لا يحضر قبل منتصف الليل!
شعرت أنها تتحدث بلهجة جافة مع أنني كنت أسأل عن ابنها، وإذ مرّ بي الإحساس التالي: ربما تكون هذه هي المرة الأخيرة التي التقي بها مع هذه السيدة، فلماذا لا أتحدث معها عن خلاصها وأبديتها؟ وإذ كنت خجولاً تمالكت نفسي وقلت لها: "هل يمكن أن أتحدث معكِ". وافقت لكنني لم أشعر بترحيب.
دخلت إلى الصالة وبدأت تشاهد برنامج التليفزيون (وكان في ذلك الوقت غير منتشرٍ في مصر)، وقد أمسكَت بالسيجارة تدخن، وكأنه لا يوجد ضيف...
صمت قليلاً ثم قلت لها: "هل يمكن أن نخفض صوت التليفزيون لنقرأ الكتاب المقدس؟"
دُهشتُ لاستجابتها السريعة، إذ أطفأت السيجارة، وأغلقت التليفزيون وجلست في خشوع وهي تقول: "منذ سنوات طويلة لم أقرأ في الكتاب المقدس... إني مشتاقة أن أسمع صوت الكتاب". بدأْت أقرأ فصلاً من الكتاب، وبدأتْ تسأل باهتمام شديد وشوق عجيب. وقبل نهاية الجلسة سألتني: "أين الكنيسة التي تصلي فيها؟"
- إنها قريبة جدًا منك... بجوار الترام بين الإبراهيمية واسبورتنج الصغيرة".
- لم أكن أعرف أنه توجد كنيسة هنا!
- مبناها مؤقت على شكل جراج إلى حين أخذ تصريح بالبناء.
- هل يوجد اجتماع لدراسة كلمة اللَّه؟
- كل سبت في العشية.
تغيرت حياة هذه السيدة حيث مارست حياة التوبة الصادقة، وارتبطت بالكنيسة وبدأت تعيش بكلمة اللَّه الحية...
تعلمت من هذا اللقاء الكثير، إذ كثيرًا ما نحكم على إنسان بالمظهر الخارجي لأننا لا نرى استعداد قلبه. كثيرون لا يمارسون الحياة المقدسة وهم ينتظرون دعوة بسيطة: "هل يمكن أن نقرأ كلمة اللَّه؟"
تعلمت من هذا اللقاء الكثير، إذ كثيرًا ما نحكم على إنسان بالمظهر الخارجي لأننا لا نرى استعداد قلبه. كثيرون لا يمارسون الحياة المقدسة وهم ينتظرون دعوة بسيطة: "هل يمكن أن نقرأ كلمة اللَّه؟"
كثيرون خارج الكنيسة في نظرنا يصيرون أعظم بكثير من الذين نظنهم في داخلها. سَنُدان أمام اللَّه لأننا نهمل في دعوة اخوتنا للتمتع بعذوبة الحياة الروحية والصداقة الحقة مع مخلص النفس وعريسها وطبيبها.

 

الصفحة السابقة